ليلة انتصار ثوار مش خمس نجوم

دينا جميل:

يجول ميدان التحرير حاملاً قنبلتين، يعرضهما بفخر شديد على الرواد. يشرح بالتفصيل ملابسات الحصول على هذه الغنائم في موقعة الثامن والعشرين من يونيو.

“أنا ماكنتش عاوز أضرب الظباط. لكن هما اللي وقفوا يشتمونا في الميكروفونات. قلت للضابط ليه تشتمني بأمي، إنت ترضى حد يشتم أمك”.

أداء الضباط المستفز، وعنفهم غير المبرر، وتاريخهم الدموي، كلها أشياء أشعلت معركة التحرير الأخيرة، كما أشعلت غيرها من المعارك السابقة، التي تعاطف فيها الجميع مع الثوار. الفرق هذه المرة كان في نوع الثوار، فلم يكونوا في معظمهم ثوار خمس نجوم.

لم تبدأ المعركة من خلال دعوة على الفيس بوك ولم يتواجد في مقدمة الصفوف الثوار المعهودون.

“إحنا خلاص بقينا خبرة. كنت باشوط القنابل اللي بيحدفوها عليا برجلي، فترجعلهم. بس المرة دي القنابل مختلفة. أجمد وأتقل. دي صناعة مايو 2011”.

ثائرنا المنتصر، كان أحد جنود ثورة الخامس والعشرين، عاش معاركها لمدة 18 يوماً، ولعب كغيره دوراً هاماً في انتصارها. اكتسب خلال الثورة خبرة في الكر والفر، وثقة في قدرته على مواجهة الأعداء، الملقبين برجال الشرطة. كان من الواجب أن ينحني له الجميع إجلالاً وتقديراً، لكن بدلاً من هذا اتهموه بالبلطجة، فهو لا ينتمي لطبقة الثوار الخمس نجوم. لم يتخرج من الجامعة، ويسكن في منطقة شعبية، يتحدث بلغة بسيطة ولا يظهر في أجهزة الإعلام. عندما اندلعت الثورة، أطلق عليها الإعلام ثورة الشباب، معتبرين أن من قاموا بها هم شباب الفيس بوك، في إشارة لشباب الطبقة الوسطى.

وبالفعل ربما يكون من دعا لمظاهرات الخامس والعشرين هم الشباب النشطاء سياسياً أبناء الطبقة الوسطى. لكن الأكيد أن آخرين شاركوا في الثورة، وساهموا في إنجاحها. ومن بين أصحاب الفضل في الانتصار كان هؤلاء الثوار، الملقبون بالبلطجية.

التقينا ثائرنا حامل القنابل يوم الأربعاء 29 يونيو بعد الانتصار، وقابلنا غيره المئات من الثوار المتهمين بالبلطجة لمجرد أن مظهرهم يدل على انتمائهم الطبقي، على أنهم أبناء العشوائيات المحرومون من التعليم والعلاج والسكن والعمل. أبناء العشوائيات دائماً ما كانوا النموذج المثالي الذي يتعرض لعنف وقهر ضباط الشرطة، فكان من الطبيعي أن يكونوا أول الثائرين على هذا الجهاز.

ارتفعت قهقهات المحيطين بثائرنا وهو يحكي لهم عن العقاب الذي ألحقه بأحد الضباط أثناء المعركة. “أنا مارضتش أضربه أو آخد سلاحه، أنا بس خليته يقلع البنطلون وقلت كفاية إنه يرجع الوزارة بالشورت (الملابس الداخلية)”. السعادة التي ارتسمت على وجوه المستمعين لا يمكن تفسيرها سوى بتاريخ هذا الجهاز في إهانة المواطنين، خاصة أبناء العشوائيات والمناطق الشعبية، ليصبح النيل من كرامة الضابط، ثأراً لمئات المرات التي تعرضوا فيه للإهانة وإهدار الكرامة بدون ذنب جنوه.

في أنحاء الميدان الذي تهب منه نسائم الانتصار انتشر أبطال معركة الثامن والعشرين من يونيو، أو معركة أهل الشهداء. حلقات وتجمعات من أفراد، ربما لم يلتقوا من قبل، لا يعرفون بعضهم البعض، لكن جمعتهم المعركة، وذكريات ليلة انتصر فيها ثوار “مش خمس نجوم”.

الوسوم:

التصنيفات : مصر, سياسة

الكاتب:Al-harafeesh

A revolutionary socialist

One Comment في “ليلة انتصار ثوار مش خمس نجوم”

  1. 06/07/2011 في 3:21 م #

    الثورة هى انقلاب الجموع على الشرعية واستخدامها القوة لتنفيذ مطالبها
    والمظاهرات السلمية ليست انقلابا على الشرعية ولا تفرض ارادتها بالقوة
    الثورة هى ثورة28يناير
    http://twitter.com/#!/modawenon/status/88498229418786816

أضف تعليق